التقرير الحكومي، الذي أعدَّته إدارة تقييم الأداء التنموي في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية وحمل عنوان «رصد أهم القضايا المجتمعية الراهنة في الكويت»، ونشرته الزميلة «القبس» أمس (الثلاثاء)، يؤكد بوضوح تام الخلل الذي أصاب الأجهزة الحكومية المختلفة في الدولة، وسياسات الإدارة المتبعة في معالجة القضايا المختلفة التي تعانيها الكويت منذ سنوات، وهو ما يُشير إلى عجز الحكومات المتعاقبة عن وضع الإستراتيجيات الفاعلة والحلول الناجعة التي من شأنها معالجة نواحي الخلل الموجودة.
عشر قضايا
ورصد التقرير عشر قضايا تم الاتفاق عليها من أطراف عديدة، سواء من القيادة السياسية، أو النواب ومرشحي مجلس الأمة، وكذلك ما تم تداوله في الصحافة المحلية و«تويتر» أيضاً، والتي جاءت كالتالي: الإصلاح والاستقرار السياسي، والشفافية ومكافحة الفساد الإداري، وتطوير التعليم والخدمات الصحية، والقضية الإسكانية، إضافة إلى الازدحام المروري، وحماية المستهلك والحد من ارتفاع الأسعار، والتلوث البيئي، وكذلك قضية غير محددي الجنسية والتوظيف والحد من البطالة.
قضايا لا يختلف عليها اثنان في مدى أهميتها، لكن السؤال الذي يفرض نفسه حول مدى جدية الحكومة وأركانها في قدرتها على التعامل الإيجابي معها.
أولويات مبهمة
هذا الرصد يقابله في السياق ذاته الاستبيان، الذي قام به مجلس الأمة أخيراً، والذي رصد بدوره أولويات المواطن الكويتي التي لم تتغيَّر أو تتبدَّل منذ سنوات طويلة أيضاً، وهو ما أشادت به الحكومة في اجتماعها يوم الاثنين الماضي، الأمر الذي عبَّرت عنه بعض الأطراف المتفائلة بأنه قد يكون هناك نوع من التحرُّك المشترك الجدي من السلطتين، إلا أن الواقع العملي يذهب إلى عكس ذلك، فالحكومة أولوياتها مبهمة وغير واضحة، ولا تمتلك إستراتيجيات للتعامل مع الملفات العالقة سواء في أهدافها أو أولوياتها، ومجلس الأمة – بمكوناته المختلفة- لا يمتلك المقدرة الحقيقية على المواجهة، وإن كانت التصريحات الإعلامية والصحافية لبعض نوابه تذهب باتجاه آخر، حيث تبدأ القلة منهم بالتلويح باستجوابات هنا وهناك.
استياء شعبي
وإذا كان الرصد الحكومي قد وضع الإصلاح والاستقرار السياسي على رأس القضايا، فهذا يعني أن هناك استياءً شعبياً بالغاً وكبيراً، ومن قطاعات واسعة، أهمها الشباب، الذي دائماً ما يطالب بإيقاف مسلسل الأزمات السياسية المستمرة وإيقاف نهج الانفراد بالقرار.
لن نذهب طويلاً في استعراض الأولويات وفق الرصد الحكومي أو وفق استبيان مجلس الأمة، حيث لا جديد فيهما، بل ما يهمنا الآن هو أن تدرك هاتان السلطتان، وبالذات الحكومة، أن استمرار مثل هذه القضايا يعني بطبيعة الحال تفجرها مستقبلاً، فالمتضررون منها، وتحديداً الفئات الشبابية، يتسع حجم معاناتهم يوماً بعد آخر.
جريدة الطليعة الكويتية