تصاعدت في الآونة الأخيرة نغمة حل مجلس الأمة من قبل البعض، وهي إشارة لوضع متأزم على الصعيد السياسي الداخلي.
وهذا الوضع ارتفعت حدته على موجة الاستجوابات المقدمة أو التي تم الإعلان عن تقديمها لرئيس الحكومة ولمجموعة من الوزراء.
لن ندخل في دهاليز هذه الاستجوابات، وما يرمي بعض النواب من ورائها، ولكن من المهم أن نحدد من المسؤول عن حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تعانيه البلد، هل هي الحكومة؟ أم مجلس الأمة؟وهذا التحديد يدخلنا لمراجعة تاريخية لحالات حل المجلس والأسباب المؤدية لهذا الإجراء.
وبعيدا عن مناصرة طرف على حساب آخر، تكمن المعضلة الرئيسية في عدد من حالات الحل بوجود اختلال واضح في الأداء الحكومي وعدم قدرتها على إنجاز برامجها أو مشاريعها – هذا إن وجدت – ويتم تحميل المجلس مسؤولية هذا الاختلال تحت حجج ومبررات عدة، في وقت يستذكر الجميع أن الحكومة لا تزال تحاول باستخدام كل ما يتاح لها من أدوات إعادة رسم الخارطة الانتخابية، إلا أن محاولاتها هذه لم تنجح، فحل مجلس الأمة السابق الذي امتلكت فيه أغلبية نيابية دون أية وجوه معارضة لا يزال عالقا في الأذهان أمامنا.
في حين أن هناك حالات للحل كانت برأي متابعين ومراقبين جاءت لترتيب أوضاع معينة، ليست معنية أو متصلة بعلاقة الحكومة بالمجلس.
صحيح أن هناك تذمر شعبي كبير لعدم وجود برامج وخطط تنموية واضحة المعالم، وتعطل إنجاز العديد من المشاريع الخاصة بالبنى التحتية والإسكانية، وارتفاع كلفتها، وضياع الفوائض المالية التي نسمع عنها ولا نراها، إلا أن اللوم لا يكون على جهة تشريعية ورقابية مهما كان رأينا فيها وموقفنا منها، بل على من يمتلك السلطة التنفيذية العاجزة عن العمل، فكما نسمع ونقرأ أن هناك بعض المشاريع يتم ترحيلها للديوان الأميري لإتمامها.
وعندما نعود إلى بعض الاستجوابات، فالجميع ركن إلى بعض التصريحات التي أطلقها بعض النواب الدالة لوضع غير مريح داخل الحكومة، وأن هناك حكومتين بدلا من واحدة، وأتذكر هنا الاستجواب الذي قدمه النائب السابق عباس الخضاري إلى وزير الأوقاف حينها أحمد الكليب عام ١٩٩٩، والذي قيل عنه أن “حكومة تستجوب حكومة”!
كل الشواهد التاريخية تؤكد أن هناك قصورا في إدراك ما ذهبت إليه المادة السادسة من الدستور (نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، والأمة مصدر السلطات جميعا) وكذلك المادة ٥٠ بشأن الفصل بين السلطات الدستورية الثلاث وضرورة تعاونها.
وكما قال سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في حوار معه لصحيفة (فرانكفوتر ألغماينه تسايتونغ) الالمانية في ٢٤ ابريل ٢٠١٠: “الدستور يمزج بين النظامين البرلماني والرئاسي، ولذلك فلا هو رئاسي صرف ولا برلماني بالمطلق، وإنما هو يجمع بينهما معا، وهذا الوضع يؤدي إلى تداخل السلطات التشريعية والتنفيذية، وهذا ينتهي إلى تنازع بين السلطتين، لأن كل منهما يسعى إلى تقليص صلاحيات الأخرى”.