في مشهد من مسرحية «حامي الديار»، ظهر الفنانان جاسم النبهان وعبدالناصر الزاير وهما يجسدان طبيعة الصراع الطائفي الخطير في انتخابات الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، وكيف يحاول كل منهما استقطاب القواعد الطلابية للتصويت لتياريهما، وهذه الحالة المجسدة تعبر بوضوح تام عن الاختلال الكبير في الجسم الطلابي، الذي أخذت فيه الصراع المجتمعية «تنهش» فيه، لتعمل على تمزيقه وتفكيكه.
أذكر هذا المشهد في الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات الطلابية في الجامعات المختلفة، في ظل ابتعاد العناصر الوطنية والديمقراطية لعوامل ذاتية وموضوعية عن المنافسة الكاملة في السنوات الماضية، مع استثناء بسيط في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا الذي يكمن فيها التواجد القوي لهذه العناصر.
ما دعاني اليوم لكتابة هذه الأسطر هي حالة النهوض الجزئي لبعض الشباب والشابات المنتمين للتيار الوطني الديمقراطي في الآونة الأخيرة، وإصرارهم الشديد على إعادة قائمة الوسط الديمقراطي، وخصوصا في جامعة الكويت، لموقعها الصحيح بين القوائم الطلابية الأخرى، والاستفادة من التجارب السابقة، وتنمية قدراتهم في العمل النقابي، وهو مؤشر إيجابي لأفراد قائمة عانت من التشرذم التنظيمي لفترات طويلة.
إلا أنه عندما ألتقيت ببعض أعضاء القائمة، شعرت بوجود حماس ودافع كبيرين لديهم، ورغبة جامحة لا حدود لها، وليس أدل من ذلك سوى الدعوة التي وجهتها القائمة لوقفة احتجاجية نظمت يوم السبت الماضي (1 سبتمبر الجاري) أمام مبنى وزارة الإعلام رفضا لسلوك الإدارة المعنية بالرقابة على الكتب، وهذه قضية عامة، تهم الجميع، وحملت الدعوة التأكيد على المادة 37 من دستور الكويت الخاصة بحرية النشر والطباعة.
هذا الموقف يذهب إلى أن أفراد القائمة أدركوا ضرورة وجودها سواء في المحيط الطلابي الجامعي، أو في المحيط المجتمعي الأكبر، وهو أحد أسرار نجاح الوسط الديمقراطي في سنوات تقدمها، عندما ربطت القضايا الطلابية بالقضايا الوطنية، وكرست جهودها وترجمة تطلعاتها دفاعا عن الدستور والحقوق العامة والممارسة الديمقراطية.
رسالة نقولها:
إن العمل النقابي هو البوابة الرئيسية لتحقيق المطالب المشروعة، والإخلاص في تبني القضايا الوطنية يرفع من قيمتكم بين مختلف الأوساط، فشعاركم «ضد كافة أنواع التمييز» يمثل تعبيرا مباشرا عن الوعي الكامل بالوحدة الوطنية دون تفريق.
ونقول لشباب وشابات الوسط الديمقراطي: إن مرحلة البناء التي تخوضونها ليست سهلة، فهناك أطراف تحاول إفشال كل محاولة لعودتكم للساحة الطلابية، وهذا تحدي يجب مواجهته والانتصار عليه، فالنجاح لا يأتي من فراغ، بل عبر إرادة قوية فاعلة «لا تلين»، وأنتم اليوم أهل لها، فلا تتراجعوا، وثقوا بأنفسكم.