اليسار العربي مراجعات التجديد والنهوض

غلاف الكتاب

يمثل‭ ‬‮«‬اليسار‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬أفكار‭ ‬اشتراكية‭ ‬واتجاهات‭ ‬ماركسية‭ – ‬لينينية،‭ ‬مسارا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬ذي‭ ‬أبعاد‭ ‬ورؤية‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬فهو‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التفسير‭ ‬المادي‭ ‬والمنهجي‭ ‬للتاريخ‭ ‬وفق‭ ‬جدلية‭ ‬ومفهوم‭ ‬‮«‬الصراع‭ ‬الطبقي‮»‬،‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالح‭ ‬الفئات‭ ‬الشعبية‭ ‬الأكثر‭ ‬معاناة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬سطوة‭ ‬النظام‭ ‬‮«‬الرأسمالي‮»‬‭ ‬العالمي‭ ‬العابر‭ ‬للقارات‭ ‬بمؤسساته‭ ‬المالية‭.‬

ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬عدة،‭ ‬حدثت‭ ‬تحولات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬تحكمت‭ ‬في‭ ‬مفاصلها،‭ ‬وتسيدتها،‭ ‬المفاهيم‭ ‬‮«‬النيوليبرالية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬مصائر‭ ‬الشعوب،‭ ‬فبرزت‭ ‬مصطلحات‭ ‬ومفردات‭ ‬عامة‭ ‬تجسد‭ ‬هذه‭ ‬المفاهيم،‭ ‬مثل«العولمة‮»‬،‭ ‬كإفراز‭ ‬وتطور‭ ‬لأساليب‭ ‬الهيمنة‭ ‬‮«‬الإمبريالية‮»‬‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وبالذات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بمصادر‭ ‬متنوعة‭ ‬للطاقة،‭ ‬نتيجة‭ ‬تغير‭ ‬ملامح‭ ‬الصراع‭ ‬الجيو‭ ‬ـ‭ ‬سياسي،‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬ثنائي‭ ‬القطبية‭ ‬إلى‭ ‬أحادي‭.‬

وبدأت‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬التدريجي‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفييتي‭ ‬وكتلة‭ ‬الدول‭ ‬الاشتراكية‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬1991،‭ ‬وإن‭ ‬بدت‭ ‬ظواهرها‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ،‭ ‬وألقى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بظلاله‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وانعكس‭ ‬على‭ ‬اتجاهاته‭ ‬وحركاته‭ ‬القومية،‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬تمتلك‭ ‬منها‭ ‬برنامجا‭ ‬سياسيا‭ ‬للتغيير،‭ ‬وتهاوت‭ ‬معها،‭ ‬أيضا،‭ ‬أنظمة‭ ‬سياسية‭ ‬عربية‭ ‬كانت‭ ‬قريبة‭ ‬وملتصقة‭ ‬بالمنظومة‭ ‬الاشتراكية‭.‬

لقد‭ ‬تبدلت‭ ‬طرق‭ ‬ووسائل‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمعه،‭ ‬منها‭ ‬الاستخدام‭ ‬المفرط‭ ‬للقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭ ‬لفرض‭ ‬النفوذ،‭ ‬وما‭ ‬رافقها‭ ‬من‭ ‬تدخلات‭ ‬غربية‭ ‬في‭ ‬البنى‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬‮«‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الديمقراطية‮»‬‭ ‬وتحقيق‭ ‬‮«‬الحرية‮»‬‭ ‬للشعوب،‭ ‬ومن‭ ‬ورائهما‭ ‬الموجة‭ ‬الثقافية‭ ‬العارمة‭ ‬لتثبيت‭ ‬الأطر‭ ‬النيوليبرالية،‭ ‬حتى‭ ‬اكتسبت‭ ‬المجتمعات‭ ‬ثقافة‭ ‬‮«‬الاستهلاك‮»‬‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإنتاج‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬خضم‭ ‬هذه‭ ‬التحولات،‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬لليسار‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬بمراجعات‭ ‬أساسية‭ ‬شاملة،‭ ‬وأن‭ ‬يعيد‭ ‬قراءة‭ ‬مساره‭ ‬المعطل‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬طويل،‭ ‬بسبب‭ ‬اختلالات‭ ‬داخلية‭ ‬وذاتية،‭ ‬فظهرت‭ ‬اللقاءات‭ ‬الدورية‭ ‬والدراسات‭ ‬التقدمية،‭ ‬نحو‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬البرنامج‭ ‬اليساري‭ ‬الجديد،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬بعض‭ ‬النجاحات‭ ‬التي‭ ‬تحققت‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬العجوز‭ (‬أوروبا‭) ‬أم‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬اللاتينية‭.‬

ومنذ‭ ‬ثورات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬وما‭ ‬قبلها،‭ ‬شاركت‭ ‬قوى‭ ‬اليسار‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحركات‭ ‬الشعبية‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬المنادية‭ ‬بإصلاحات‭ ‬عامة،‭ ‬سياسية‭ ‬أكانت‭ ‬أم‭ ‬اقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬تبنت‭ ‬شعارات‭ ‬تغييرية‭ ‬لتجاوز‭ ‬الأوضاع‭ ‬القائمة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬أفضل‭.‬

وأيا‭ ‬كان‭ ‬موقفنا‭ ‬من‭ ‬اليسار،‭ ‬مؤيدين‭ ‬أم‭ ‬معارضين‭ ‬له،‭ ‬مدافعين‭ ‬عنه‭ ‬أم‭ ‬مهاجمين‭ ‬عليه،‭ ‬فإنه‭ ‬اليوم‭ ‬يمثل‭ ‬اتجاها‭ ‬تغييريا‭ ‬رئيسيا‭ ‬بعدما‭ ‬اشتد‭ ‬تسلط‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأنظمة‭ ‬السياسية،‭ ‬وخضوع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬لتوجهات‭ ‬وقرارات‭ ‬مؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬ملتزمة‭ ‬بتعاليم‭ ‬القطب‭ ‬الواحد‭ ‬وسياساته‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإصدار،‭ ‬نتناول‭ ‬مسألتين‭ ‬أو‭ ‬ورقتين؛‭ ‬الأولى‭ ‬معنية‭ ‬بنهوض‭ ‬اليسار‭ ‬العربي‭ ‬وطبيعة‭ ‬برنامجه‭ ‬في‭ ‬التجديد‭ ‬والتغيير،‭ ‬والثانية‭ ‬تتعلق‭ ‬باليسار‭ ‬الكويتي‭ ‬وتطوره‭ ‬التاريخي‭- ‬الزمني،‭ ‬والسياسي،‭ ‬ورؤاه‭ ‬تجاه‭ ‬مختلف‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الكويتية‭.‬

ملاحظة:

الكتاب متوفر في:

الكويت: مكتبة العجيري (حولي) – مكتبة العروبة (حولي) – مكتبة آفاق ( الشويخ مجمع التلال – السالمية مجمع بوليفارد)

البحرين: المكتبة الوطنية (شارع المعارض) – دار فراديس للنشر

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.