لم يتوان سمو الأمير أو يتأخر – كعادته – في محاولة جادة لرأب حالة التشرذم الخليجية التي أخذت في التصاعد لتشمل مستويات عدة منذ الإعلان الرسمي عن مقاطعة قطر من قبل ٣ دول خليجية، وهي الإمارات والبحرين والسعودية، وتلاهم عدد من الدول الأخرى.
الزيارات الأخوية والمكوكية التي قام بها سمو الأمير للأطراف المختلفة تؤكد بلا شك على الدور الكويتي الذي دأبت على انتهاجه بهدف المحافظة على استقرار المنطقة في ظل تطورات إقليمية بالغة الصعوبة والتعقيد.
ودون الدخول في الظروف التي أدت إلى نشوب مثل هذه الأزمة، والتي نتمنى جميعا أن تزول وتنتهي، فإن الحديث اليوم يدور حول مدى فعالية منظمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تحقيق التكامل الأمثل بين دولها، وهو الأمر الذي لم يتحقق على مدار السنوات الماضية منذ تأسيس هذه المنظمة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو في المجالات الأخرى، حتى بات الصراع واختلاف الرؤى والمصالح هي السمة الغالبة عليها.
والمتابع بصورة دقيقة لما يدور في المواقع التواصل الاجتماعي يرى بوضوح تام حالات التذمر وعدم الرضى الشعبي، يضاف إلى ذلك نغمات مؤيدة أو مناهضة قصيرة النظر على حساب طرف ضد آخر تسير وفق عواطف وولاءات معينة، وهي أجواء يجب السيطرة عليها لتماسك المجتمعات الخليجية والحفاظ على وحدتها، وبالطبع هذا الأمر له انعكاساته على الوضع العام في الكويت ما يتطلب درجة عالية من المسؤولية تتبناها السلطتين، ووعي عال من مختلف أفراد المجتمع لإدراك خطورة هذا الوضع المتأزم، دون أن تكون هناك محاولات لفرض أية قرارات من شأنها تقويض الحريات العامة، وعلى وجه الخصوص حريتي الرأي والتعبير.
ليس المطلوب اليوم مجرد متابعة المشهد القائم، والبحث عن ذرائع لاستمرار مسلسل الأزمات الذي لا ينضب في هذه المنطقة، بقدر ما علينا اليوم البحث عن صيغة تضامنية تحفظ كيان هذه الدول من خلال التأكيد على سيادتها، وإشراك الشعوب في عمليات اتخاذ القرار ورسم السياسات العامة بما يسمح ويتيح بتحقيق قدر متوازن من العلاقات المشتركة وصولا إلى مرحلة متقدمة من التكامل النوعي بين دول منظومة التعاون الخليجي.