أين استراتيجية تأمين دور العبادة؟ ولماذا لا تتحرك الحكومة إلا بعد وقوع الكارثة؟

آثار الدمار بعد تفجير مسجد الإمام الصادق

آثار الدمار بعد تفجير مسجد الإمام الصادق

بعد أن شيعت الكويت شهداء الجريمة الإرهابية النكراء، التي نفذها شاب انتحاري من معتنقي الفكر التفكيري، وخطط له تنظيم داعش، وعاونه منتمون لما يسمى بتنظيم «أسود الجزيرة»، وفق بيان وزارة الداخلية، تبرز تساؤلات تطرح نفسها، وتثار علامات استفهام حول هذا التفجير، الذي يُعد الأسوأ في تاريخ البلاد، كما يثير توقيت ارتكابه وآلية تنفيذه دلالات عدة ومؤشرات كثيرة، في ما يلي أبرزها:

أولاً: في ظل أحداث المنطقة الملتهبة وتوالي العمليات الإرهابية في دول مجاورة، ومع اقتراب الخطر من الكويت.. لماذا لا تتحرك الحكومة إلا بعد وقوع الكوارث؟ ولماذا لم تبادر وزارة الداخلية إلى اتخاذ إجراءات احترازية مسبقة لتأمين المساجد؟

ففي الوقت الذي تحدَّث فيه مسؤولو الأمن و«الأوقاف» وجهات أخرى مختصة عن استراتيجية متكاملة لتأمين دور العبادة وتدريب القائمين على المساجد على مواجهة الطوارئ، تبيَّن أن هذه الاستراتيجية مجرد «حبر على الورق»، وكلام للاستهلاك الإعلامي.

ثانياً: هل يُعقل أن تتواجد دورية أمن وحيدة في محيط مسجد الإمام الصادق، ولا يوجد بها سوى رجل أمن واحد؟! وذلك في أعقاب التهديدات الإرهابية التي انتشرت بصورة ملحوظة في المنطقة كلها، وطالت السعودية وغيرها من الدول المجاورة.فقد ظل مسؤولو الوزارتين يتحدثون عن هذه الاستراتيجية طوال أكثر من 3 أشهر، ويطرحون محاور تأمين دور العبادة عبر الصحف وبقية وسائل الإعلام، وما إن وقع الخطر، حتى انكشف المستور، الذي يخفي هشاشة الخطط وضعف التخطيط وغياب استراتيجية الطوارئ.

ثالثاً: هل استراتيجية تأمين دور العبادة التي تحدث عنها مسؤولو «الداخلية» تقوم على هذا التواجد الأمني الضعيف الهش؟.. ألم يسأل قياديو الجهات الأمنية أنفسهم: ماذا بإمكان رجل أمن وحيد أن يفعل حال وقوع هجوم إرهابي؟ وهو ما حدث في يوم الجمعة الدامي، حيث اضطر رجل الدورية إلى الابتعاد بها عن موضع التفجير، حتى لا يتعرَّض لأي خطر.

رابعاً: المنطقة أضحت كرة ملتهبة، والكويت ليست بمعزل عن مجريات الأحداث، فلماذا لا تتحرك الجهات المختصة إلا بعد وقوع الخطر؟

خامساً: بعد وقوع هذا التفجير الذي أشبه ما يكون بالزلزال المدمر يطرح سؤال نفسه: هل اتخذت وزارة الداخلية خصوصاً، وجميع الجهات المختصة على وجه العموم، الإجراءات الاحترازية، للحيلولة دون تكرار مثل هذه الجريمة الإرهابية التي حصدت أرواح الأبرياء وأصابت ما أصابت منهم؟

سادسا: تبيَّن أن المتورطين في هذه الجريمة الإرهابية النكراء ينتمون إلى ما يسمى بتنظيم «أسود الجزيرة»، والذين قضوا عقوبة السجن لسنوات وأفرج عنهم أخيرا، فلماذا لم يوضعوا تحت المراقبة المشددة؟

وأين البرامج التأهيلية والإصلاحية التي يفترض خضوعهم لها، لعلاجهم من آفة الفكر المتطرف والتكفيري؟

ووفق مصادر مسؤولة بوزارة الأوقاف، فإن معظم المتطرفين والمفرج عنهم في قضايا تطرف واعتناق الفكر المتشدد لم يخضعوا لبرامج جادة للتأهيل والإصلاح.

وفي الوقت الذي تنتشر فيه عشرات الجهات والجمعيات والتيارات الدينية يطرح سؤال آخر نفسه: مَن يضمن أن بعضها لا ينشر الأفكار المتطرفة؟

وأين آلية الرقابة على ما يُطرح من دروس دينية وخطب وأفكار يتلقاها الشباب والمراهقون؟

سابعاً: مَن المسؤول عن الأموال المهدرة على ما يسمى بلجنة الوسطية التابعة لوزارة الأوقاف؟

ففي الوقت الذي يتحدث فيه مسؤولوها عن برامج لنشر الوسطية في دول آسيوية واوروبية، يضحى التساؤل مشروعاً: هل تأكدت «الأوقاف» من أن المجتمع الكويتي فاضت فيه الوسطية، وتشبع بالاعتدال، حتى تعمل على نشر الفكر الوسطي في أوروبا وآسيا؟

ثامناً: الإرهابي الذي دخل البلاد يوم تنفيذ جريمته الانتحارية كشفت التحقيقات أنه كان على تواصل مع أشخاص داخل الكويت، فلماذا لم ترصد الجهات الأمنية هذا التحرك المشبوه، في الوقت الذي تتمكن فيه أجهزتها من رصد ما هو أبسط من ذلك على غرار متابعة مغردين أو مدونين أو غيرهم؟

تاسعاً: إذا كان يُحسب لوزارة الداخلية سرعة التوصل إلى الخلية الإرهابية التي نفذت هذا التفجير الجبان، إلا أنه يؤخذ عليها التأخر في اتخاذ تدابير مشددة وحاسمة لتأمين دور العبادة من ناحية، والمنشآت الحيوية الأخرى من ناحية أخرى.

عاشراً: بعد أن كشفت التحقيقات التي أعلن عنها رسمياً عن أن المتفجرات التي استخدمها الإرهابي الانتحاري دخلت البلاد بواسطة صندوق معدني عبر منفذ بري، يطرح تساؤل ملح نفسه: مَن المسؤول عن تسهيل دخول هذه المتفجرات؟ وما آلية التفتيش والضبط في المنافذ الحدودية؟ وألا توجد أجهزة متطورة لكشف الممنوعات؟

أسئلة كثيرة وعلامات استفهام موجعة، تستلزم الإجابة عنها، فالجريمة الإرهابية التي هزت الكويت وأحزنت الجميع على أرواح الشهداء والمصابين، أبعادها أكبر بكثير من كونها عملاً إرهابياً استهدف مسجداً لطائفة معينة، بل الكويت كلها مستهدفة، وعلينا جميعاً الحذر من هذا المخطط المشبوه، الرامي إلى تأجيج الوضع وهدم الاستقرار.

جريدة الطليعة الكويتية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.