تنظيمات «بونفرين»

أخذت الأنظار اليوم تتجه أكثر فأكثر نحو القوى والتنظيمات السياسية الكويتية، فالجميع بات ينتظر منها موقفا واضحا، لتحريك المياه الراكدة، وإعادة الاعتبار للعمل السياسي المنظم، ولكن هذا الانتظار قد لن يكون في محله أو قائما في المرحلة الحالية، أو حتى المقبلة، لسبب بسيط وجوهري، أن غالبية هذه القوى والتنظيمات لا تعرف ماذا تريد، وتسير «على البركة»، وبرامجها – إن وجدت – فهي تتمثل في كونها ردود أفعال لحدث معيَّن، من دون أن تكون لديها القدرة أو المقدرة على صنع رؤى محددة تستطيع الانطلاق من خلالها.

فمن الواضح أن بعض هذه القوى خرجت عن المفهوم السليم للعمل السياسي المنظم.. فبدلا من أن تكون تنظيمات ذات منهجية فكرية أو برامجية للإصلاح، أضحت اليوم تمثل «كانتونات» اجتماعية وفئوية، بل وحتى طبقية، تدافع عن مصالح ضيقة لـ «أفراد»، لا المصلحة العامة لمجتمع كامل، كما أن البعض منها دخل في إطار «الصراع» الدائر في البلد، من دون إدراك أو وعي منه، أو قد يكون طرفا من أطراف هذا الصراع.

هذه الأمور من الممكن أن تفسر لنا ما آلت إليه أوضاع هذه القوى والتنظيمات من ضعف في الأداء، وتواضع في التفاعل الجماهيري مع ما تطرحه أو تدعو إليه في الآونة الأخيرة.

المسألة التي نطرحها، على الرغم من أنها تمثل انتقادا مباشرا لهذه القوى والتنظيمات السياسية، تتطلب إعادة الاعتبار لمفهوم العمل السياسي والتنظيمي، القائم على كيانات حقيقية وواقعية، لا أن تكون التنظيمات «بونفرين أو ثلاثة أنفار»، وأن تمتلك قرارها السياسي، من خلال أعضائها ومنتسبيها.

وأخيراً، تبقى ضرورة طرح برنامج وطني للإصلاح يُجمع عليه الجميع، على أن يمثل دستور 1962 نقطة ارتكاز له، ومن دون ذلك لن يكون لهذه القوى أي تأثير على الشارع السياسي الكويتي، الذي أخذ يفقد الثقة تدريجيا بها، بعدما فشلت في السنوات الأخيرة في تعبئته بالقضايا التي تهمه، وانشغلت بـ«قضاياها» التي تهمها وتعنيها.

جريدة الطليعة الكويتية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.